( معذرة أخوتى إذا لم يكن هنا المكان المناسب ولكن للضرورة أحكام )
في هذا الوقت مع الأسف الشديد نرى كثيرًا من الناس يقولون كلمة التوحيد لا إله إلا الله ، ولكنهم لا يحافظون على الصلوات إلا في يوم الجمعة أو في رمضان ، والبعض منهم لا يصلي مطلقًا إلا مرة واحدة في العام كله ، وهي صلاة عيد الفطر المبارك لكي يراه الناس ، مع أن هذه الصلاة فرض كفاية أو سنة مؤكدة ، والبعض لا يصلي أبدًا ولا يعرف القبلة أي هي ؛ إلا أننا نراهم في ليلة السابع والعشرين من رمضان يذهبون إلى مكة لأداء العمرة ، أو في الحج يذهبون مع الناس إلى الحج ؛ فما حكم هؤلاء ؟ وقد يموت أحدهم ويأتي أهلهم بجنائزهم فيصَلِّي عليهم المسلمون لأنهم يُحسنون الظن بهم ، أليس في هذا غش للمسلمين يجعلهم يصلون عليه ويُدفَنَ في مقابرهم ؟ وهل الصلاة عليه مقبولة أم مردودة ؟ وهل أهل الميت آثمون بعملهم هذا أم لا ؟
هذا وضع خطير وشر كبير يجب التنبه له ، وقول السائل وفقه الله : إن هناك أناسًا يشهدون أن لا إله إلا الله ولكنهم لا يصلون إلا في أوقات معينة ؛ كرمضان أو الجمعة أو العيد ، هذا فيه تفصيل :
إن كان المراد أنهم لا يصلون مع الجماعة ويصلون في بيوتهم ولا يتركون الفرائض ؛ فهؤلاء قد ارتكبوا أمرًا كبيرًا ؛ لأن ترك صلاة الجماعة ترك لواجب عظيم يأثمون عليه ، ويجب الأخذ على أيديهم وإلزامهم بصلاة الجماعة مع المسلمين ، ولكن صلاتهم صحيحة ، ولا يخرجون من الإسلام بهذا العمل الذي هو ترك صلاة الجماعة ؛ لأن ترك صلاة الجماعة ترك لواجب لا يقتضي الردة .
أما إذا كان قصده من ذلك أنم لا يصلون أبدًا ، بل يتركون الصلاة تركًا نهائيًا ، فإن هذا ردة عن دين الإسلام ، فإن كانوا تركوا الصلاة لأنهم لا يرَون وجوبها ؛ فهذا ردة عن الإسلام بإجماع أهل العلم ، وإن تركوها مع اعترافهم بوجوبها ، ولكنهم تركوها تكاسلاً ، وداوموا على تركها متعمدين لذلك ؛ فهذا أيضًا ردة على الصحيح من قولي العلماء ؛ لأن الصلاة هي عمود الإسلام ، والأدلة على كفر تاركها بدون تفصيل أدلة كثيرة من الكتاب والسنة .
وعلى كل حال ؛ من ترك الصلاة فأمره خطير ، وهذا إذا مات على هذه الحالة ؛ فإنه لا تجوز الصلاة عليه ؛ لأنه مات على غير الإسلام ، ومثل هذا يُدفَنُ بدون صلاة وبدون إجراءات جنائز المسلمين ؛ لأنه يعتبر مرتدًا عن دين المسلمين ، بل لا يُدفَنُ مع المسلمين في مقابرهم ؛ لأنه ليس منهم .
وهذا أمر خطير ، والصلاة لا تجب في رمضان فقط أو يوم العيد فقط أو يوم الجمعة فقط ، بل الصلاة جعلها الله عز وجل خمس صلوات في اليوم والليلة ، كما قال عليه الصلاة والسلام : (خمسُ صلواتٍ فَرَضَهُنَّ الله في اليوم والليلة) [رواه أبو داود في "سننه" (ج2 ص63) ، ورواه النسائي في "سننه" (ج1 ص230) ؛ كلاهما من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.] ، وكما في قوله تعالى : {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [النساء: 103.] ، فالصلوات تجب المحافظة عليها في مواقيتها في اليوم والليلة في جماعات المسلمين في المساجد ، هذا هو دين الإسلام .
(من فتاوى الفوزان)